لا يصبح للطعام مذاقا حلوا إلا بوضع البهارات الحريفة، لسعة الشطة في طرف اللسان وفي الحلق تضيف متعة خاصة للطعام رغم أنها تهلك القولون.. والبواسير.. هكذا الاستفزاز واللعب على المشاعر في عالم كرة القدم، الجماهير تستلذ الاستفزاز وتستمتع به رغم أن نتائجه أحيانا تقود للجنون ولأفعال مشينة.. وبقدر استلذاذ وحب الجماهير لتعذيب نفسها باستفزاز كل طرف للآخر بقدر ما نستمتع نحن بعملنا قائمون بدور الشيطان على أكمل وجه.. لكن أحيانا الشيطان يعظ!
في الكرة المصرية جماهير الأهلي وجماهير الزمالك هما كدرتين يتصارعان على رجل، كغريمين كل منهما ينتظر ذلة الآخر، يقف للآخر على كلمة ليتحقق الصراع الأبدي الذي دون لا حياة في الكرة المصرية.. في محاولة لإحياء الكرة المصرية نحاول أولا إحياء الاستفزاز لعله يكون وقودا لعودة الكرة المصرية لمسارها الذي ضلت عنه منذ سنوات.. فنعرض أشياء تشعل غضب الزمالكاوية بمجرد أن يسمعوها، وكذلك أشياء تستثير غضب الأهلاوية بمجرد ذكرها أو تناولها.. نبدأ بما يغضب جماهير الزمالك وفي الحلقة المقبلة سنعرض ما يشعل غضب الأهلاوية!
1- الأهلي نادي القرن
أسطورة الأهلي نادي القرن من أكثر الأشياء التي تستفز مشاعر الزمالكاوية، ففي الوقت الذي كان الزمالك أحق باللقب أيام كان يحصل على بطولات وألقاب، أعطى الاتحاد الأفريقي اللقب للزمالك بطريقة ما اعتبرها البعض مريبة، ومنذ ذلك الوقت أصبحت عقدة متأصلة في كل مشجع زمالكاوي أن يتحدث أحد ويعتبر الأهلي نادي القرن الأفريقي!
2- النادي الأكثر شعبية
الحديث عن الزمالك كالنادي الثاني في الشعبية في مصر هو أمر يحرق دم جمهور النادي الأبيض الذي يعتبر نفسه أغلبية ساحقة وأن كل الأندية الأخرى تأتي بعده من حيث الجماهيرية والشعبية، واعتبار أن الأهلي هو النادي الأكثر جماهيرية في مصر أمر يجعل الدم يغلي في عروق كل زمالكاوي، وغياب إحصاء دقيق أو أرقام مثبتة يجعل الامر عائما مائعا يصعب الحكم عليه تماما مثل تناول قنوات الأخبار لأرقام مليونيات الثورة حسب توجه القناة فيعتبر البعض وقفات احتجاجية أنها مليارية وآخرون يعتبرون الملايين الحقيقية أنهم بضع مئات يحتجون!
3- القديس أبو تريكة
كلما اقترن اسم النجم المحبوب أبو تريكة بلقب القديس فذلك يعتبره الجمهور الأبيض وكأنه إهانة لهم، طبعا ابو تريكة نجم يستحق الاحترام ولكنه يمثل ثمة عقدة للزمالكاوية، ومجرد ذكره يستفز مشاعرهم فما بالك بالحديث عن كونه قديسا وطبعا ما هو بقديس ولا معصوم من الخطأ.. وعلى الأغلب الحب الطاغي من جماهير الأهلي للاعب هو ما يجعل سيرته تستفز مشاعر جماهير الزمالك!
4- المايسترو صالح سليم
عندما يمتلك الطفل لعبة يحاول دائما استثارة أقرانه بأنه يملك ما لا يملكون، وهذا ما تفعله جماهير الأهلي مع الزمالكاوية، يلوحون دائما بصالح سليم رئيس الأهلي السابق، وأحد مؤسسي نهضة النادي وبناة تاريخه، ولأن الزمالك لم يملك في تاريخه رئيس تبدو عليه ولو من بعيد ملامح القدرة الإدارية أو الزعامة أو حتى الشخصية السوية خاصة في العصر الحديث، تستثير الزمالكاوية دائما سيرة الرئيس الراحل ويستشيطون غضبا من محاولة جماهير الأحمر تنصيبه زعيما ويحاولون دائما التشكيك فيه وفي قدراته وإنجازاته مستغلين الشموع السوداء والكلب روي وأي من هذه الأمور التي لا تنتقص من مكانة وقامة الرئيس الراحل للأهلي.
5- نادي البوابين
خطأ تاريخي على الأغلب من جماهير النادي الأهلي التي كانت تحاول الإساءة لجماهير الزمالك بادعاء أنه نادي "البوابين" في إشارة لكونه نادي الطبقة الدنيا، ورغم أن ذلك ليس عيبا والبواب (حارس العمارة) فرد من الشعب يعمل عملا شريفا إلا أن حقيقة الأمر أن الأهلي هو الذي تأسس لعامة الشعب بينما الزمالك كان نادي الطبقة الراقية عندما بدأ تحت اسم المختلط ثم تحول إلى نادي فاروق نسبة إلى الملك فاروق ملك مصر والسودان، ولم يكن الزمالك أبدا نادي البوابين بل كان للطبقة الراقية والإقطاعيين والأجانب وكان الأهلي هو نادي عامة الشعب.
ولكن نظرا لأن الجنوبيين أصحاب البشرة السمراء كانوا منتشرين في تاريخ النادي الأبيض كحنفي بسطان وطه بصري وفاروق جعفر وإبراهيم واسماعيل يوسف، وغيرهم الكثيرين، فقد اجتذبوا أقرانهم وأقاربهم من أصحاب البشرة السمراء الجنوبية للنادي للتشجيع، وكان العاملون في مهنة البواب (حراس العقارات) أغلبهم من سمر البشرة الجنوبيين ولذلك استخدمها جماهير الأهلي في إطلاق صفة البوابين على نادي الزمالك بطريقة عنصرية غير مستندة على التاريخ الصحيح لنادي الطبقة الراقية –الزمالك-.
المعايرة والاستفزاز هما وقود تحرك الكرة رغم أن الأمر إن زاد عن حده انقلب ضده، ولن تكون المعايرة أبدا طريقا قويما للسير والتقدم ولكن ما يحدث في مصر ليس اختراعا وفي أغلب دوريات العالم الأندية الغريمة تتنابذ جماهيرها بالألقاب والأمور المستفزة كبهارات الطعام الحارة تضفي حلاوة ومذاقا "حراقا" محبب!